في عطلة الربيع ذهبت أنا واثنين من أبناء خوالي إلى الإمارات العربية المتحدة ، وحيث أن آخر زيارة لي للإمارات كانت قبل عشر سنوات تقريبا فقد دهشت للفرق الشاسع بين إمارات الأمس ( قبل عشر سنين فقط ) وإمارات اليوم ، وأعني دبي بالتحديد ، لأن إمارة الشارقة لازالت تحاول اللحاق بركب التطور الذي تقوده دبي ولكن ببطء شديد ، فالإمارة تحتضن مجمعين أو ثلاثة فقط ( ولا أعني الأسواق المنتشرة هنا وهناك بل مولات بمعنى الكلمة ) ، كذلك فإن شوارعها الداخلية لازالت مفروشة بالتراب وكأننا في كويت الخمسينات والستينات !!
أما دبي وما أدراك ما دبي ، فشارع الشيخ زايد يشهد على التطور السريع الذي مرت به الإمارة ، فالمجمعات والبنايات الشاهقة تحف الشارع عن اليمين وعن الشمال ، وبين كل عمارة وعمارة تجد مشروعا قائما وآخر قيد الإنجاز ، وإعلانات المشاريع العقارية الكبرى تملأ الشوارع ، لكنني لاحظت أمرا وهو أن معظم تلك المشاريع تهم رجال الأعمال أو الطبقة الغنية والمقتدرة ماديا من الناس ، إذ لا مكان لمتوسطي الدخل في تلك المشاريع ، فهل يستطيع المواطن العادي أن يتملك بيتا أو فيلا مع مدخل خاص وحمام سباحة وتطل على بحيرة اصطناعية وبجانبها ملعب غولف ومهبط طائرات الهيليكوبتر ؟؟ ترى هل تم تصميم تلك المشاريع السكنية للمواطنين ؟ أم هي لاستقطاب رؤوس الأموال الأجنبية والمهتمين من الطبقة الراقية من أوربا وأمريكا ليتملكوا منازل في دبي بدل كان وميلانو ؟؟
صحيح أن البهرجة الإعلامية أحيانا تنسيك حقيقة الأشياء ، خذ مثالا على ذلك القرية العالمية ، سمعنا عنها الكثير من الأهل والأصدقاء ولكن عندما زرتها بدأنا بالتململ بعد أقل من ساعة ، فقسم الكوييت يحتوي على محلين أو ثلاثة فقط عن الكويت ( قسم الفنان جمال العلي وقسم وزارة الإعلام ومحل عطور وآخر للعبي ) والباقي محلات ملافع وشيلات إماراتية !! قسم السعودية كله بخور وعود وطيب ، قسم إيران سجاد ومكسرات وحلوى وكذلك أفغانستان ، أقسام اليابان والفلبين وتايلند تبيع نفس الأشياء ، الأردن وسوريا والعراق كلهم أكل بأكل ( جبن وزعتر وخلطات أجار وطرشي ) !! اليمن عسل وخناجر .. أصبحت المسألة بيع في بيع ، حتى قسم كينيا طردونا لما قمنا نصور تماثيلهم وأقنعتهم اللي تخرع !!
افترينا بمجمعاتهم الكبيرة ( سيتي سنتر - ابن بطوطة - ميركاتو - مول الإمارات .. ) ما شرينا شيء غير سينابون وعصير طبيعي !!
لكن الحق ينقال .. إن الفرارة بدبي غير .. يكفي أنك تقعد بقهوة عند شاطئ الجميرا وتستمتع بالجو الحلو حولك .. هنا فقط تحس أنك مسافر للسياحة .
يقول مصطفى صادق الرافعي : إذا سافرت وسافر معك الهَم .. فأنت مقيم لم تبرح
هذه بعض الصور من الرحلة